كتابة : عبد الدائم السلامي
عَجَبي، إنْ عَجِبْتُ
مِن رَجُلٍ لا يتفقَّدُ قلبَه وهو خارِجٌ من بيتِه في الصَّباحِ صوبَ عملِه.
فقد تعوَّدُ أغلَبُنا أن يتثبَّتَ من وُجودِ حافظةِ نقودِه
وأوراقِ سيّارتِه وهاتِفِه المحمولِ
ولكنّه لا يتكلَّفُ عناءَ وضعِ يدِه على الجهة اليُسْرى من صدرِه
ليعرِفَ إنْ كان ثمّةَ قلبٌ ينبضُ بالحياةِ.
وما مبعثُ عجبي إلاَّ ما آلتْ إليه أحوالُ قلوبِ الرّجالِ
في هذا الراهنِ العربيِّ المأزومِ.
إذْ تراهم يتهامسون أو يتضاحكون في المكاتبِ والشوارعِ والمقاهي
وهم أجسادٌ فارغةٌ من قلوبِها لا يتوفَّرون على قدرةِ العِشْقِ والغرامِ.
وإذا سألني أحدُكم عن سبَبِ ذلك أُجيبُه بأنّ الزوجاتِ يعمَدْنَ،
في إطارِ المحافظةِ على مؤسَّسةِ الزواجِ من الفَسادِ،
إلى اجتثاثِ قلوب أزواجِهنَّ من مكامِنها
ثم يقَرْطِسْنَها في ورقِ السِّيلوفان ويُخبِّئْنَها في الخانةِ العليا من الثلاّجةِ
حتى لا تطالَها أيدي الإنسِ من الأقارِبِ وبعضِ الجانِّ من الأطفالِ،
وإذا اشتهينَ شيئًا ممَّا حلَّلَ الله، سارعنَ إلى إعادةِ تلك القلوبِ إلى أصحابِها
لعشرِ دقائقَ لا تزيدُ ثم يُرْجِعْنها إلى الثلاجة من جديدٍ.
وهنّ يفعلنَ ذلك لغاياتٍ منها منعُ رجالِهنّ من الهُيامِ بامرأةٍ أخرى
قد تتوفَّرُ على ما لا يتوفّرْن عليه من طراوةٍ في الجسدِ وانفتاحٍ في الأفكارِ
وقطعُ سبيلِهم إلى التبذيرِ الجَسَديِّ بما يُحافظُ
على استقرارِ أسواقِ العواطِفِ في ظلِّ أزمةٍ عالميّةٍ خانقةٍ.
كثيرًا ما نسمعُ من امرأةٍ قولَها في زوجِها بأنّه بلا قلبٍ،
فنكذِّبُها وهيَ على حقٍّ لأنّها تعرِفُ أنّها قطعت قلبَ زوجِها
من صدرِه ودفنَتْه في ثلاّجةِ البيتِ وهو نائمٌ.
ويبدو أنّ فقدانَ الرِّجالِ لقلوبِهم وعدمَ تنبُّههم إلى ذلك
يدخُلُ في إطار موجةٍ جارفةٍ من عدمِ الوعيِ بالموجوداتِ،
وهي موجةٌ طالتِ الفكرَ والأحلامَ والرُّجولةَ
وجعلت المواطِنَ العربيَّ لا يعرِفُ ما يريدُ،
بل ولا يريدُ حتى أن يعرِفَ.
والملاحظُ أنَّ موجةَ عدمِ الوعيِ التي انخرطَ في ايّارِها أغلبُ الرجالِ العربِ
قد استشرتْ في الواقع حتى جعلتْ ماكينةَ الرِّجالِ عاجزةً
عن صناعةِ السياسةِ وجعلتِ السياسةَ تصنعُ رِجالاً بلا قلوبٍ.
ــــــ
همسه فى أذن الساده الرجـال
فتـــش فى نفسك
فـ كل إمرأه لا يستهويهـا أن يقودهـا إلاّ رجـل
عَجَبي، إنْ عَجِبْتُ
سفيـرة المـرأة